يا ابني الله يرضى عليك اقرأ ولا تجمع الكتب !

🙂
لم يسعفني الوقت كثيراً لزيارة معرض مسقط الدولي للكتاب بنسخته الجديدة 2020، مع العلم كان قريب جداً من عملي ، لاباس فقد توسمت في ذلك اليوم الخير على ان اجد ضالتي في بعض الكتب الأصيلة القيمة، والحمد لله سنحت  لي الفرصة وذهبت مع من يعشق رائحة الكتب ويتوق الى جوهر المعنى في اروقة صفحاته ، كان يومًا رائعًا جميلاً خاصة بصحبة عشاق القهوة!
كعادتي تعودت أن احدد مسبقاً ما اريد ان اقتنيه، وكون المعرض يوفر خاصية البحث الالكتروني عبر موقعه، وأيضا أقوم بين الحين والأخرى بتجاذب أطراف الحديث مع الباعة الرائعين ، دعوني أخبركم الآن عن موقف طريف حدث في اروقة المعرض :
👤
رجل في العقد السادس من العمر من أحد الدول العربية الشقيقة يجلس بكل هدوء وتؤدة مبتسما وألقيت عليه التحية فرد باجمل منها واقبل يلبي كل من يسأله.. فوقع بصري على اسم دار النشر فإذا هي من دور النشر العريقة المتميزة، حالفني  الحظ أن أجد ما أبحث عنه بضعة كتب فقال لي يبدو عليك أنك تخصص وقت للقراءة فبادرته بالشكر على تلطفه وسماحته في البيع وإتقانه فن الحوار وقلت له: ذلك يا سيدي على قدر المستطاع.
واخذنا نتبادل الحوار وأنا أرى على ملامح وجهه قراءات الدنيا العميقة في حقول الكتب!
فجأة انقطع الحوار بمرور احد الاخوة يسأل عن ضالته في بحر الكتب .. فقام بدورة الأول وأبلغ في التحية والجواب وأردف القول له : كيف كان كتاب (...)هل استمتعت بقراءته ؟!
تفاجأ الشخص وبدات عليه علامة الذهول .. وباغته فوراً شكرا جزيلا لكني لم اشتريه بعد!
ابتسم بثقة وقال: يا ابني لقد اشتريته مني العام الماضي وكنت في صحبة زميلك واخذت ايضا كتاب (..) !
ضحك وضحكنا جميعاً وساد المكان حالة من الضحك والذهول .. وفي نهاية الحوار وبكل ود وحب قال له صاحب البحر العميق:
*(يا ابني الله يرضى عليك اقرأ ولا تجمع الكتب !)* وبادله ذلك الرجل وقد بدات على ملامح وجهه التأسف والحسرة .. حاضر استاذي الجليل حاضر.. "أعدك والله بذلك شكرا جزيلاً ولن انسها ابداً" يبدو لي وكأن ضوء ما قد لاح  لذلك  الرجل السائل وثمة صحوة اشتعلت في فرائس كيانه ومصباح عقلة !
أخذ الرجل الحكيم يسدي له بعض الحكم الرائعة عن الانضباط في القراءة  وأنا أسمعه يقول " يا ويل القرّاء من أولئك الكتاب الذين لا يقرأون!" أظنها للكاتب العملاق علي الوردي.. وريثما انهيا الحوار أدار جسده بالكامل تجاهي  وحدثني قائلاً "يا أبني  صادفت الآلاف من البشر ومع التعامل معهم أصبحت أمتلك فراسة حفظ شخوصهم بل إلى أبعد من ذلك، أصبحت أعرف جيدًا من يقرأ الكتب ومن يجمع الكتب ومن يكتنز الكتب ولا يقرأها أبدًا!
يا أبني ثق تمامًا أن نوعية ما تقرأه سيتراكم في وعاء عقلك يشكل ويصقل شخصيتك ويعزز ثقافتك ويمنحك القدرة والثقة على السفر عبر مجرات الكتب وأفلاك الحضارات لتمخر عباب طموحك وتصنع حاضرك الباهر!

شهاب الريامي
03/03/2020
@sasalriyami
#موقف طريف معرض مسقط الدولي _ للكتاب 2020

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الكهف