تناغم الصدف !

لابد أن كل إنسان قد عاش لحظات شهد فيها وقوع توافقات غريبة بين حوادث بينها عناصر تشابه معين، ولكنها لا ترتبط ببعض بعلاقة سببية تفسر توافقها في الوقوع زمانيا، أي في نفس الوقت والمكان. أي في نفس المكان. أو زمكانيا، وهذاما يطلق عليه مصطلح ❞متزامنة❝ للإشارة إلى كل مجموعة من الحوادث تتوافق في الوقوع زمانيا أو مكانيا، وبينهما عنصر تشابه أو أكثر ومن غير أن يوجد بينها ارتباط سببي، أي من غير أن تكون إحداها سبب وقوع الأخرى. وكمثال على متزامنة تقليدية تذكر المرء لصديق له لم يكن قد رآه منذ سنين عدة ومن ثم مقابلته لهذا الصديق فجأة في نفس ذلك اليوم، ومن دون سابق تدبيروفي مكان ما كان ليتوقع أن يلقاه فيه...

حلوى الخوخ
يروي الفلكي الفرنسي كامي فلاماريون في كتابه المجهول The Unknown متزامنة شخصاها صديقه الشاعر أميل ديشامب وشخص آخر اسمه م. فونتغيبو حين كان ديشامب طفلا صغيرا يعيش في مدينة أورليانز الفرنسية أعطاه فونتغيبو، الذي كان قد عاد إلى فرنسا من بعد أن تركها وهاجر إلى انكلترا خلال الثورة الفرنسية، قطعة
من حلوى الخوخ لم تكن معروفة في فرنسا في ذلك الوقت، تركت قطعة الحلوى هذه أثرا كبيرا في نفس الطفل. بعد عشر سنين من تلك الحادثة كان ديشامب يسير في أحد شوارع باريس حين لاحظ في واجهة عرض أحد المطاعم حلوى خوخ فدخل إلى المطعم الشراء قطعة، إلا أنه وجد النادلة تسأل أحد الزبائن الذي كان قد اشترى توا آخر قطعة من حلوى الخوخ داخل المطعم إن كان يرضى
أن يقتسمها مع ديشامب.. ولدهشة ديشامب، كان هذا الشخص هو السيد فونتغيبو والذي لم يكن ديشامب قد رآه منذ لقائهما الأول إلا أن هذه الحادثة لم تكن نهاية هذه القصة الغريبة، إذ بعد سنين من لقائهما هذا في المطعم كان ديشامب مدعوا يوما إلى حفلة عشاء أخبرته صاحبة الدعوة بأنها ستقدم فيها حلوى الخوخ. بينما كان ديشامب يأكل حلوى الخوخ علق متفكها قائلا: «لا ينقصنا الآن سوى السيد فونتغيبو». في تلك اللحظة فتح الباب ودخل رجل هرم، ضعيف البنية مرتبكا، بادر وسط حيرته إلى الاعتذار. كان هذا الرجل هو فونتغيبوالذي كان مدعوا إلى حفلة عشاء أخرى في شقة أخرى في نفس العمارة ولكنه أخطأ العنوان !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الكهف